الباحث / عبدالسلام الزغيبى
في بنغازي زمان كانت هناك سينيمات (دور عرض) نظيفة، حتى الشعبية منها كانت مقاعدها نظيفة ومرتبة ومنظمة، وفي بعض دور السينما كان هناك مكان للعائلات
من هذه السينيمات، سينما البرينيتشي (دار عرض بنغازي) واشتهرت بفخامتها، وكانت في بدايتها عام 1928، مسرح وطني ثم تحولت الى سينما، وسينما ريكس (المجاهد)، التي كانت متميزة بنظامها، واختيار مكان الجلوس بالارقام، وأفلامها الأجنبية، وسينما الحرية (المسرح الشعبي)، والزحام على شباك قطع التذاكر خاصة في افلام هرقل وماشيستا، وسينما النهضة، وافلام اسماعيل ياسين ووحش الشاشة
والمنادي ينادي على بضاعته.. قز.. قز يوزع مشروب السينالكو والاناناس والبرتيلو، وفي الخارج تباع الزريعة والكاكوية ومستكة السبع وشوكولاتة قرشين، وسندويتشات خليفة الغرياني في كشك بجانب سينما الحرية
وكان هناك سينمات اخرى، مثل سينما هايتي والنصر في منطقة الفندق البلدي، وسينما الشعبية في بن يونس، والوحدة في بوزغيبة، وسينما الشرق في الصابري، الاندلس والزهراء والهلال في البركة، النجمة في ميدان الشجرة، سينما الحمراء في سي حسين، سينما ليبيا في الماجوري، 9 اغسطس في ميدان البلدية
كان دخول المشاهدين إلى السينما يتم بشكل منظم في بعض السينمات فعند المدخل تجد شباك قاطع التذاكر فيه حاجز حديدي أمام الشباك يقفون الناس طوابير في صف واحد منعاً لتدافعهم إليه
كانت الناس تهوى الذهاب إلى السينما، وتتعرف على الأفلام من خلال الجرائد اليومية التي كانت تصدر في بنغازي، وتخصص مكان في أحد صفحاتها اسمه (اين تذهب هذا المساء)، وكانت القاعات ممتلئة، لانها كانت إلى جانب مشاهدة مباريات كرة القدم، من وسائل الترفيه المتوفرة في ذلك الزمان، مثل الراديو والتلفزيون، والمقاهي، وللتمتع بمشاهدة الأفلام المصرية وافلام الكاوبوي والافلام الهندية، وهي هواية حُرم منها سكان بنغازي منذ سنوات
ويجلس عامل أمام الباب المؤدي إلى صالة العرض يعرف بـ قاطع التذاكر الذي يفحص التذكرة ويمزقها بعد أن يعطيك نصفها
بالنسة لنا نحن صغار السن لا نملك ثمن شراء التذكرة للدخول (بوليت)، نضطر الى اللجوء لطريقة انتظار أحد الرجال الأكبر منا سناً، أو ما يعرف زمان بـ (خششني يا سيدي)
وكنا نحن الأطفال والصبيان، نغتنم فرصة العيد للذهاب إلى السينما والتي كانت تعرض فيها أفلام تناسب أعمارنا، مثل أفلام طرزان والكاوبوي (البطل) وافلام شارلي شابلن (ويشي) وهي أفلام كان يقوم بالأدوار فيها ممثلون مشهورون
وكنا نستمع من شاهد قصة الفيلم من قبل أحد الأصدقاء أو الجيران قبل أن ندخله ليحدثنا وقائعه، وهناك من شاهدوه مرات عدة حتى حفظوهكان الذهاب للسينما عادة ما يكون في شكل مجموعة من شخصين فأكثر ونادراً ما يدخل السينما شخص بمفرده
كان هناك في بعض السينمات نظام الحفلات، أي تحضر العرض الأول وتخرج، وعادة تبدأ الحفلة الأولى في الرابعة والنصف، والثانية تبدأ في السادسة والنصف،. وتتكون الحفلة أو العرض عادة من جزئين، جزء قصير يتم فيه استعراض للأفلام التي ستعرض الأسبوع القادم والتي ستعرض قريباً وبعدها يبدأ عرض الفيلم
وفي فترة الاستراحة عادة تستمر قرابة عشر دقائق ولا تزيد عن ربع ساعة، وخلال الاستراحة تقوم إدارة السينما بتشغيل أغاني عربية مثل اغاني، أم كلثوم وعبد الحليم ووردة الجزائرية
تتوزع مقاعد السينما على حسب ممراتها منها ممرين أو ثلاث ممرات، وعادةً وضعية مقاعدها مثبتة على الأرض ومرصوصة بصف واحد
كان هناك عامل مرشد بيده مصباح يدوي كان نسميه “بيله” مهمته تسهيل المرتادين المتأخرين ليرشدهم بهدوء إلى المقاعد الفارغة
الآن لا وجود للسينما إطلاقا في بنغازي، فقد أغلقت أبوابها، وتحولت في عهد النظام السابق، أما إلى مراكز للشرطة الشعبية، أو مخازن، أو مقرات لفرق مسرحية، أو تنتظر الصيانة
لا تعليق